آفة تقضي على معرفة الحق
مبارك عامر بقنه
لعل من الأشياء السيئة لدى الإنسان أن يتحدث في شيء لا يعرفه ولا يفقهه، وخصوصا في القضايا الشرعية لأنه يترتب عليها الثواب والعقاب، فيثبت وينفي وهو لم يحط بما يقول علما، فمعرفته هي الظن فقط، فيظن أن الأمر كذا ثم يبني على هذا الظن تصوراته وأحكامه.
وهذه آفة تقضي على معرفة الحق، فمعرفة الحق لا يأتي بالظنون وإنما بالعلم، والعلم لا يأتي إلا بالقراءة والاطلاع والسماع من أهل العلم، وكثير من الناس قد عجزوا عن القراءة والتعلم ولكنهم لم يعجزوا عن القول بلا علم، ويسمون هذا الأمر “إبداء رأي”، فجعلوا القضايا العلمية التي تتطلب معرفة بالدليل من الرأي الذي لا يتطلب دليلا، فساووا بين أمرين مختلفين، وهذا من المزالق الخطيرة وهي تأسيس المعرفة الشرعية على الرأي لا الدليل.
ورحم الله تعالى محمد بن سيرين، كم كان ذكيا فطنا حين قال: “إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم“. فيدخل في هذا الرأي، فلا تأخذ علمك من غير دليل ولا حجة، فالقول بغير دليل هو اتباع للهوى، فالإنسان لا يحب أن يوصف بالجهل، ولا يقوى أن يقول: لا أعلم، فيدفعه هواه واعتزازه بذاته للتحدث في مسائل لم يسمع بها من قبل، فيأتي بالطوام الكبار، ولو سكت لكان أسلم لدينه ولعقله، وما كان ظهور البدع إلا بالقول بالرأي غير المبني على الاجتهاد العلمي وإنما الرأي المبني على الجهل والتوهم.
Share this:
يا سلوة الخاطر
مبارك عامر بقنه إذا جنّ عليّ الليل أخذ الحنين يعصرني والشوق يؤرقني، فروحي قد تماهت بها لوع…