طالبتي والإعجاب كتبت تقول

مبارك عامر بقنه

مدت لي بورقة مطوية وذهبت على عجل
فتحتها فوجدتها كتبت:
” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذتي .. في خاطري سؤال وأريد ان تقولِي لي ما ردت فعلك منه؟
في المدرسة يوجد بنات معجبات فيني ووصل هذا الحب لدرجة أنهن يبكين من أجلي لماذا غبتي ولماذا تأخرتي وهكذا .
فما ردت فعلك أنت لو كنت مكاني؟
وجزاك الله خيرا “
برأيكم ما الرد المناسب ؟؟؟ علما انها في الصف الاول المتوسط…
س.ي.

الجواب:

يجيب عليها : مبارك عامر بقنه

الشيء الجميل والإيجابي أن الطالبة أخبرت معلمتها بالأمر، إذ أن كثيرا من المشاكل تتعقد وتتراكم لدى أبنائنا بسبب عدم استشارتنا وإخبارنا بما يواجهونه، فتوجه الطالبة إلى معلمتها أو أهلها هو بداية الحل إن شاء الله تعالى. فمن المهم جداً أن تشكري الطالبة وتثنين عليها أنها أخبرتك بهذا الأمر، وتطلبين منها أن يظل باب التواصل بينكما مفتوحاً أو مع المرشدة فمستنقعات الحياة كثيرة لا يستطيع المرء لوحده أي يتجاوزها.

أجلسي مع الفتاة وأسمعي منها، أعطيها الفرصة أن تتحدث وأن تذكر كل ما لديها فقد يكون الأمر أعقد مما تصورين أو أنه بخلاف ما فهمت الطالبة، كوني هادئة وأنت تستمعين لها، دعيها تتحدث دون أن تقاطعيها، شاركيها الحديث بالسؤال كي تخرج ما لديها: منذ متى حدث الأمر؟ لماذا أعجبوا بك؟ ما كان تصرفك تجاههن؟ هل أخبرت والديك أو أحد من أقاربك بذلك ؟ .. وهكذا كي تتضح لك الصورة كاملة عندها يكون لديك القدرة أكبر في معالجة الخطأ. فقبل أن تبدين رأيك وتعالجين الموضوع لابد أن يكون لديك تصور واضح لأبعاد العلاقة بينهن فكون المعجبات بالطالبة كثير يجعل هناك علامة استفهام وهي أنها قد تكون هي السبب وراء ذلك بأن تبحث عن هذا الإعجاب، أو أنها تتصور الأمر خلاف الواقع. فكثرة المعجبات يدل على هناك حلقة مفقودة في السؤال. فغالب الطالبات والطلاب يتجنبون ذكر نقاط أساسية في الموضوع يكون عليها مدار الأمر لأن ذلك الأمر قد يدينهم.

بعد أن تسمعي وتتعرفي على حقيقة الأمر عندها أخبريها برأيك بلغة صادقة تحمل مشاعر الشفقة والألم، فنحن عندما نتعامل مع طلابنا على أنهم أبنائنا فإننا سنخرج حلولاً إبداعية؛ لأن كل فكرنا ومشاعرنا ووجداننا وعواطفنا تتفاعل مع القضية، دعيها تشعر أن كل كلمة تنطقينها تنبع من قلبك وأنك صادقة في مشاعرك فحديث القلب ينفذ إلى القلب ويؤثر.

قولي لها: لو كنت مكانك لكنت واجهت الأمر من أول لحظة بقوة وصرامة، وقلت لهن كلاماً قوياً قاسياً يمنعهن من التمادي والاسترسال مع أفكارهن، فالأشخاص عندما يرون إنساناً ذا شخصية قوية فإنهم يقفون عند تلك الشخصية ويحاسبون ألفاظهم وتصرفاتهم خوفا من الوقوع في الخطأ أمام هذه الشخصية القوية، فتماديهن وجرأتهن على إخراج ما في نفوسهن من حب وغرام وهيام يدل على أنهن وجدوا منك الضوء الأخضر لذلك.

قولي لها: لو كنت مكانك لكنت هددتهم ـ بصدق ـ إذا لم يكفوا عن ذلك ولأخبرت والدتي وأخبرت إدارة المدرسة بذلك، تقول لهن وهي جادة لأنهن إذا رأين الأمر كذلك سيذهب ما بهن من تخبط الشيطان وتضليلاته.

قولي لها: لو كنت مكانك لما اتخذتهن صديقات ولقطعت علاقتي بهن مباشرة، فصداقتهن فيه ضرر كبير على الدين والأخلاق والسلوك، ومصاحبتهن يجعلك مع الوقت تستمرين هذا المنكر وترين أن الأمر بسيط ولا يحتاج هذا القلق والخوف. فالصاحب ساحب.

ثم عليك ـ أيتها المعلمة الفاضلة ـ أن تسأليها لماذا لم تخبر والدتها بهذا الأمر؟ فالبنت في هذا السن سن المراهقة بحاجة ماسة لأمها، اجعلي علاقتها بأمها علاقة متينة، أخبريها أن تفتح قلبها لأمها، وتبث همومها لها، فالجفوة بين الأم والبنت له آثار سلبية إذ تقع البنت في الخطأ دون معالجة لهذا الخطأ. عليك أن تراقبي سلوك هذه الفتاة دون أن تشعر. فهي قد يكون لها دور كبير لجعل البنات يتعلقن بها.

ولا يقف الأمر عند هذه الفتاة بل ينتقل العلاج إلى بقية الفتيات فإنهن بحاجة إلى تعديل السلوك وتوجيههن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، اجلسي مع هؤلاء البنات وتعرفي على أخلاقهن وكيف علاقتهن بالله عز وجل، تعرفي على أوضاعهن الأسرية: كيف علاقتهن بأمهاتهن؟ هل هناك كبت وضغط أسري؟ هل يشعرن بالفراغ العاطفي؟ هل بيوتهن بيوت محافظة؟ هل لديهن وعي بأخطار هذه القضايا؟ أجلسي معهن حدثيهن ـ دون ذكر قصة الفتاة ـ لا تتركيهن يعبث الشيطان بهن، فهؤلاء إذا تركن قد يفسدن فتيات أخر، استمعي لهن فقد يكون لديهن أشياء أخرى مهمة ولكنهن لم يجدن آذان تصغي لهن، وليكن حديثك معهن حديث الأم الحنونة العطوفة فهن ـ في الغالب ـ بحاجة إلى إشباع عواطفهن بالحب

ومن المهم جداً وأنت تحاولين التغير والتوجيه أن يكون التغيير جذري بأن تتجهي إلى قلوبهن وتربطين الأمر بالله عز وجل، وأن هذا الأمر محرم شرعا وأنه من تزيين الشيطان وهذه السلوكيات المشينة دخيلة علينا قد يكون جلبها لنا الإعلام الماجن أو بعض صفحات الانترنت الساقطة. حاولي أن تشغلي أوقاتهن بالأبحاث والأعمال المفيدة والتي يصرفون فيها طاقتهن.

Share this: