الإعلام - 21 أبريل، 2021

لماذا نقرأ؟

مبارك عامر بقنه

قال لي: لست أدري لماذا نقرأ؟ لست بحاجة للمعرفة، فيكفيني ما تلقيته منذ كنت صغيرا حتى يومي هذا، ولست بحاجة لمنصب أو وظيفة أو مركز أو أي شيء في هذه الحياة الفانية، التي ستفنى معها كل معارفي وكل كتبي.

لست أدري لماذا أقرأ؟ فالكتاب لا يجلب الابتسامة ولا الضحك وإنما يثير تساؤلات، فيتعبني ويرهقني وأنا أريد الاستمتاع، أليس هذا من الجنون أن أمسك كتابا وأقرأ كل حرف وكل كلمة وكل سطر ثم ما ألبث إلا وقد نسيت ما قرأت، أليس هذا عبثا؟ أليس هذا نوعا من نقص العقل؟

لست أدري لماذا أقرأ؟ وما أقرأه لا أحد يريد أن يعرفه أو يسمع عنه شيئا، فقط أقرأ ثم أطوي ما قرأت على ذاتي، فإن حدثت بما قرأت لم أجد أذنا تسمع وإن سكت فما فائدة ما أقرأ.

أليست هذه الكتب كتبها بشر؟ ألا يحتمل أنهم مرضى أو حيارى أو مضطهدون مكسورون وربما لا أخلاق لهم، فما فائدة أن أقرأ لهم وهم يعانون من مصائب؟ ومن يضمن حين أقرأ لهم ألا تصيبني عدوى من أمراضهم وآفاتهم، نتقاتل من أجل شراء كتاب، ونقضي الليالي الطوال نتحاور حوله، ثم ماذا؟ حيرة وإرباك وقلق وتشوش أفكار، ثم نتركه ونأخذ كتابا آخر، فيكثر نقاشنا وتزداد حيرتنا، نعذب أنفسنا بأيدينا.

ولو رأينا الجاهل الأمي، لوجدناه هانئا في حياته سعيدا بجهله، فلا حيرة ولا اضطراب ولا قلق معرفي ولا هم فكري، يعيش يومه كأمسه هانئا سعيدا مستمتعا، أليست حياة الجاهل أفضل من حياة القارئ؟

إذاً فلنترك الكتاب وندع المعرفة جانبا ونستمتع بالجهل، أليس الجهل أجمل وأكمل، ألم تقل الصوفية «العلم حجاب» وألم تقل «الجهالة أم الفضائل» وألم يقل غيرهم «اللهم دينا كدين العجائز» فلماذا نرهق أنفسنا ونمكث أمام الكتاب الساعات الطوال والجهل أجمل من العلم.

ذهبت لأرد عليه وأحاوره، ولكن لم يصغ ولم يرد أن يسمع شيئا، عدت لنفسي قائلا لها: أصابتنا الحيرة حتى عدنا نقول «لماذا نقرأ؟».

Share this:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يا سلوة الخاطر

مبارك عامر بقنه إذا جنّ عليّ الليل أخذ الحنين يعصرني والشوق يؤرقني، فروحي قد تماهت بها لوع…