‫الرئيسية‬ الإعلام النقد الذاتي
الإعلام - 22 أبريل، 2021

النقد الذاتي

مبارك عامر بقنه

من الضروري أن يتعلم القارئ النقد كما يتعلم القراءة، فالقارئ حين يعجز عن النقد أو لا تكون لديه آليات النقد، فإنه يكون عرضة لتقبل الأفكار الحسنة والسيئة، بل قد يتقبل المتناقضات من الأفكار، فالنقد جماله وحسنه في أنه يعمل سياجا على العقل، يمنع من تقبل الأفكار المشوهة أو المنحرفة أو المتناقضة.

النقد الذاتي ضرورة، ليس فقط لسلامة العقل من الأفكار الخاطئة وإنما لبناء عقلية قادرة على تجاوز الأخطاء، وبناء الأفكار الصحيحة، النقد الذاتي يجعل الإنسان مسؤولا عن عواطفه ومشاعره، فلا يجعل الآخرين يسيطرون على أحاسيسه، وهو يعمل اتزانا للفكر، فلا تكون هناك مغالاة في الحب والبغض، ولا في الاتباع والترك.

الناقد لا يجعل الأفكار والأحكام المسبقة تسيطر عليه، فهو في حالة وعي ذهني يمكنه من غربلة كل الأفكار، كي لا يكون صدى لفكرة خاطئة، فالناقد الذاتي لديه طول نفس في التعمق في قراءة الأفكار بتروٍ، إذ آفة كثير من الناس هي تبني الفكرة دون تأمل دقيق فيها.

الناقد الذاتي لا يرى أن أفكاره معصومة منزهة عن الخطأ، فالناقد الذاتي لا يتعصب لفكرة ما، وإنما لديه القدرة على أن يعيد قراءة أفكاره وأفكار الآخرين دون تعجل، فمن قدّس أفكاره ورأى أنها متعالية عن النقد فإنه لن يرى الخلل في أفكاره، لذلك كان من شرط النقد الذاتي أن يضع أفكاره على طاولة التشريح ويتعامل معها وكأنها لا تنتمي إليه، فلا يصح في العقل أن تعصم أفكارك عن الخطأ وتدين أفكار غيرك، وهذا كمن يرى القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه، فمن الإنصاف أن يتعامل مع الأفكار دون تحيز أو تعصب.

ومن شرط النقد الذاتي، أن تكون للناقد معايير يحتكم إليها، معايير ثابتة صحيحة تكون هي المقياس في الحكم على صوابية الفكرة أو خطئها، وهذه المعايير هي غالبا معايير خارجة عن الذات، فلو جعل المعيار هو الميل النفسي فقد يرفض أفكارا صحيحة ويقبل أفكارا خاطئة، والمعيار الخارجي قد يكون دينيا أو مجتمعيا أو قانونيا، فالاستناد على معيار خارجي صحيح يجعل المرء لديه قدرة أكبر على نقد الأفكار بصورة صحيحة.

Share this:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يا سلوة الخاطر

مبارك عامر بقنه إذا جنّ عليّ الليل أخذ الحنين يعصرني والشوق يؤرقني، فروحي قد تماهت بها لوع…