استشارات - 15 أغسطس، 2020

ابني يكذب

مبارك عامر بقنه

اشعر أن ابني يكذب علي؛ بل أنا متأكدة من ذلك، ولكن لا أريد أن أواجهه بذلك أو أشعره أني أعلم أنه يكذب كي لا يكون الكذب له عادة . 

فكيف يمكن أن يتخلص ابني من الكذب دون أن يشعر أني أعلم ذلك ؟

                        أختكم: م. ع. 


يجيب على الاستشارة: مبارك عامر بقنه

أولاً: يجب أن لا تشعري بالإحباط وأنت تسمعي ابنك يكذب، إذ أن شعور المربي بالإحباط يمنعه من حل المشكلة بطريقة صحيحة. فالوالدان عليهما أن يهيئا أنفسهما لاستقبال أخطاء الأبناء والتعامل معها بأريحية دون انفعال . وغالباً حال الأطفال أنهم يخطئون كثيراً ويسلكون سلوكيات خاطئة بعيدة عن عادة المحيط الأسري. فالهدوء في التعامل مع المشاكل والأخطاء أمر أساسي لتقديم حلاً صحيحاً.

ثانياً: نحن قد نترجم سلوكيات وأقوال أطفالنا بطريقة لا يقصدها الطفل وقد لا يدرك الطفل ذلك. فمثلاً قد يكذب الطفل ولا يشعر أنه يكذب وإنما يتصور أشياء على غير حقيقتها ويظن أن تصوره صحيح وحقيقة أو قد يفهم الأشياء على خلاف الواقع ثم يعبر بأسلوبه وعباراته عن ذلك ونفهم نحن أنه يكذب ويتعمد الكذب. وفهم ذلك يساعدنا على إدراك حقيقة الأمر لدى الطفل.

ثالثاً: قد يكذب الطفل ويتعمد ذلك فدورنا أن نخبر الطفل ونشعره أن الكذب صفة ذميمة وأن الكذب حرام وهو من صفات المنافقين، فالمؤمن لا يكذب، والشجاع هو الإنسان الصادق، والصدق طريق إلى الجنة والكذب طريق إلى النار، والناس يحبون الإنسان الصادق.. وهكذا لابد من تعليمه وتدريبه على ممارسة الصدق وتجنب الكذب.

رابعاً: لابد من متابعة الطفل في أقواله وأفعاله فإذا كذب لا يمنع أن يتكلم معه بأسلوب مهذب ولطيف، أنه قال قولاً غير صحيح. فالمواجهة ـ أحياناً ـ مفيدة وخصوصاً في مرحلة التعلم وبدايات التربية، فقد تتجه إلى التلميح ولا يدرك قولك ومرادك. والرسول عليه الصلاة والسلام وجه الطفل مباشرة دون تلميح عندما طاشت يده في الصحفة فقال:” ياغلام بسم الله ، وكل بيمينك، وكل مما يليك” إلا إنه يجب التنبيه: أن لا يكون ذلك بصورة فيها تحطيم للطفل فلا يسب أو يشتم أو يهان أو يقول له: يا كذاب. فلا يتجه اللوم إلى الذات أبداً وإنما يتجه اللوم إلى الفعل والسلوك .

خامساً: ممكن أن يعالج الأمر باتفاق مع الطفل بأنه كلما كذب يخبر بذلك، مثلا: ان يقال له، ما رأيك كلما كذبت أن أذكرك أنك لم تقل الحقيقة كي نتخلص من الكذب. وكذلك يحكي له قصص عن الشجاعة وقول الصدق وآثاره الحسنة في الدنيا والآخرة. وكذلك يذكر له الثواب المترتب على الصدق والعقاب المترتب على الكذب. وكذلك يكافئ الطفل عندما يقول قولا صادقاً ولا يبالغ في المكافئة ولا يشترط في المكافئة أن تكون مكافئة مادية بل الثناء والشكر والمديح للطفل هو من المكافئة  الضرورية .

وأخيراً: مع محاولات التصحيح والتعليم وشعورنا أننا قد بذلنا جهدا في تقويم سلوك أبنائنا إلا إن الطفل قد يكذب مرة أخرى وهذا أمر طبيعي فالطفل ينسى ويغفل ولذا من المهم أن نصبر عليه ونعود ونكرر ولا نمل ولا نيأس فالتربية الناضجة القوية تتطلب بذل جهدا ووقتاً ومتابعة . والله الموفق لك خير.

 

Share this:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الشخصية الضحية

مبارك عامر بقنه هل شعرت يوما أن معاناتك في هذه الحياة ليس لك علاقة فيها، وإنها نتيجة خطأ ا…