‫الرئيسية‬ كلمات خواطر هنـدسـة المــشاعــر
خواطر - 30 سبتمبر، 2021

هنـدسـة المــشاعــر

الهادي حافظ

في عالم التصوير اليوم وما شهده من برامج متطورة كثيرا، تكثر دغدغة مشاعر العوام أمثالي، فبسهولة يخرج علينا مصور بصورة التقطها في لحظة واحدة من حياة طويلة لشخص ما يريد ويحاول أن يوجه عقولنا حيث يرى هو من خلال ما يتضح من معالم تلك الصورة.

فقد تكون الصورة تُظهر فقرًا وبؤسًا على غني يظهر فيها بهيئة رثة، فتحملنا على التعاطف معه ويذهب بنا الحماس كل مذهب إلى أن نبدي الاستعداد للتبرع لمن هو أغنى منا جميعا، لمجرد تلك اللحظة!

وقد تكون لمجرم طالما آذى آلاف البشر وترَصّد بهم، فتظهره الصورة في لحظة ضعف تحمل الناظر على التعاطف معه، وقد تكون.. وقد تكون..

ما يهم هو أن عقول أمثالي من العوام من السهل برمجتها وهندستها بسياسة الصور، فننجر وراء ما أراد المصور ناسين أن الصورة التي أمامنا ليست سوى تخليد لحظة واحدة من آلاف اللحظات لحياة المعني، فقد تكون اللحظة التي ستتبعها مباشرة عكسها تماما!

وفي عالم الإعلام المجند للأجندات الخاصة يسهل اختطاف عقول البسطاء لجعل منها لقمة سائغة وبرمجتها كيف شاءوا.

فبمقص فني الإخراج وعصارة تفكير عقول الجيوب يُلْعَب بالأحداث والمعلومات والأشخاص في مقصورة الكواليس لترسم خارطة الأحداث بالصورة التي يهوى “الكبار” وأصحاب الأجندات من عقول الصغار أمثالي، فتأتي النتيجة:

-تلميع مؤهلين وغير مؤهلين لأنهم رضوا أن يكونوا أداة في المشروع.

-حقائق عرجاء وناقصة ومجتزأة، فُصّلت على مقاس الهدف.

فعلى العاقل في هذا الزمان أن يعي الأمر جيدا ويطبق في رحلة اطلاعه وتفاعله مع الأحداث مبدأ أحد عقلاء الصحافة حين يقول: “إذا قرأتَ في الجريدة أن السماء تمطر وفتحت التلفزيون وقال الصحفي أنها صحوة، فليس دورك أن تنشر الخبرين المتناقضين، ولكن عليك أن تفتح النافذة لتتأكد بنفسك!”.

وهو نفس المبدأ الذي ربانا الحديث الشريف عليه: “لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا”. حفظ الله علينا عقولنا وأصلح للأمة موجهيها وثبتنا على ما يرضيه ويرضي حبيبه صلى الله عليه وسلم.

Share this:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يا سلوة الخاطر

مبارك عامر بقنه إذا جنّ عليّ الليل أخذ الحنين يعصرني والشوق يؤرقني، فروحي قد تماهت بها لوع…